الجمعة، 31 ديسمبر 2010

الكتابة في زمن العولمة


الكتابة في زمن العولمة
سيف الدين حسن العوض
safeelawad@hotmail.com

الكتابة في زمن العولمة، وما أدراك ما العولمة من الصعوبة بمكان، خاصة إذا كانت الكتابة من طرف واحد وليس هناك مجال للرد عليك، (مثل الحب من طرف واحد)، فانت منذ أن تستيقظ في الصباح الباكر تحاصرك الكتابة العولمة، أي الكتابة التفاعلية والحركية والشفافية، فتبادر الي فتح بريدك الإلكتروني لتقرأ ما خطته أقلام اصدقائك الحقيقيين والخائليين، هذا إن لم يكن لك اكثر من بريد إلكتروني في عدة مواقع إلكترونية، ثم تعرج الي الفيس بوك لتقرأ آخر الدردشات والنكات وتتصفح صور الأمس واليوم وغداً، بالطبع إن كان لك اشتراك في ماي اسبيس فمن الضرورة بمكان أن تعرج اليه كذلك،
ثم تتحرك صوب الماسنجر لتكتب وتتحدث في آن واحد ومن خلال عدة نوافذ إلكترونية عبر الهوت ميل ماسنجر، ولايف ماسنجر، والياهو ماسنجر، واسكاي بي ... الخ، مع من يشاطرونك أفكارك أو تربطك به صلة قربى، ثم تقرأ صحيفتك اليومية السيارة، ومجلتك المفضلة، فتدلج - مضارع أدلج إدلاجاً، ومعناه سار الليل كله - الى صحافة المواطن - أو ما يعرف حاليا بالمنتديات- التي لديك فيها باسويرد، فتبارك لهذا النجاح، وتشاطر ذاك الاحزان، وتكتب وأنت تتجرع كوباً من العصير البارد عن إنتخابات مزورة لم تشارك فيها أصلاً، رغم أن الفرصة قد اتيحت لك، وعن أطفال المايقوما وضرورة التبرع لهم، ثم تتصفح اليوتيوب وتبحث عن فنانك المفضل وشاعرك الفحل ومعشوق الجماهير وآخر الفيدوهات في عالمك الخائلي، ثم تدردش مع ذاك وترسل رسالة الي تلك، وتطلب صداقة آخرين، واخيراً وليس آخرا تذهب وأنت متعب العينين، من اثر التصفح والسهر طبعاً، الى موقع جامعتك الإلكتروني لتأخذ على عجل المادة التي بعث بها استاذك عبر ما يعرف بالتعلم الإلكتروني، وتقيّم على عجل أستاذك وأثناء هذا وذاك تستمع الي اذاعتك المفضلة ولم تعد لإذاعة البي بي سي ومونت كارلو وصوت امريكا ولا إذاعة (هنا أمدرمان) بريقهم السابق، ظهرت إذاعات (الأف أم) حسب التخصصات إو قل الطلبات، فهناك إذاعة للرياضة وأخرى للأخبار وثالثة للثقافة ورابعة للآداب وخامسة للفنون والموسيقى، وترد عبر الموبايل على فلان وترسل رسالة قصيرة لعلان، بل ويمكنك اليوم ومن جهاز اللاب توب الذي تحمله معك الي أي مكان ان تصدر صحيفة ومجلة وكتاب وتنشأ إذاعة وقناة تلفزيونية وسينما إن شئت وتشارك مع الآخرين من الإعلاميين والصحفيين في تثقيف الناس وإخبارهم وتعليمهم والترفيه عنهم. ليست التكنولوجيا شر كلها، بل أن الخير كامن فيها كذلك، هذا إذا استطعنا أن نوظف تلك التقنية لخدمة بلادنا وأهلنا، فلا يكفي مثلاً أن تتصفح فقط إذا كان بمقدورك أن تشارك بافكارك ومعلوماتك الصحيحة عن الدين واللغة والوطن، ولايكفي فقط أن تدردش في الفيس بوك إن كان بالإمكان أن تبتكر مدونة خاصة بك، وتملأها بالمفيد من العلم والمعلومات والمعرفة. كثيراً ما تساءلت، وسأل غيري، هل التكنولوجيا نعمة أم نقمة، ولماذا أتينا الي ماليزيا، هل بحثاً عن التكنولوجيا والتقانة كما ندّعي، أم هروب من واقع أليم مرير في السودان، أقعد به وجعله في ذيل قائمة الدول المتخلفة إلكترونياً، بعد أن كان على رأس الدول الأكثر تعليما وفهما ووعيا ومعرفة، هل للتكنولوجيا دخل في ذلك، أم أنها السياسة التي يدخل معتركها كل من (هب ودب)، في إعتقادي أنهما الأثنين معاً بجانب سبب ثالث، هو عدم مقدرتنا على التعايش السلمي، فرغم أننا تقدمنا كثيراً من ناحية التعايش الديني، ورغم قبولنا بالآخر،(المازول) - اكيد سوف تجادلوني، عارفكم جنكم جدال، وهو في زول بيقدرك يجادل السودانيين اهل الجدال- إلا ان السودان والسودانيين (غلبو حيلة) مع التعايش السلمي الثقافي، فإذا أردنا للسودان أن ينهض من جديد، ومن جديد هذه مقصودة لأننا فعلاً كنا في تقدم ونهضة، وطبعا النهضة (خشم بيوت)، ولكني أعني هنا النهضة بكل أنواعها وفي كافة المجالات. إذا أردنا النهضة للسودان فعلينا أولاً أن نتسلح بالعلم التكنولوجي، وهذه فرصتنا قد لاتتكرر مرة أخرى، علينا أن ننهل من علوم التكنولوجيا ما شاء الله لنا أن ننهل، وأن نسعي ما استطعنا الي ذلك سبيلا على نقل التكنولوجيا الي السودان، بل وتوطينها في السودان، وأن نترك السياسة وساس ويسوس لقلة من السياسيين منا، فماليزيا بجانب التكنولوجيا والتعلم الإلكتروني، تزخر بمعارف شتى حري بنا ونحن ننظر بعين متفائلة لسودان الغد المأمول، (وخيركم خير لأهله) أن نتزود بتلك المعارف والتي من أبرزها السياسة والتي لايدخل معتركها إلا ثلة من الماليزيين بإعتبار أنها (فرض كفاية) إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، بجانب السياحة والإقتصاد والتعايش السلمي، والتعايش السلمي بالذات دعوني أضع تحته خطوط كثيرة بإعتبار أننا رغم تعليمنا أو تعلمنا المتقدم كما ندّعي، الا أننا فينا (شئ من جاهلية)، فلندعها لانها (نتنه)، واللبيب بالإشارة يفهم، أخيراً وليس آخر دعوني أوصيكم ونفسي بتقوى الله أولاً ثم بحب الوطن ثانيا، لأن حب الأوطان من الإيمان كما أخبر رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ثم بالتوحد والتكاتف والتآزر ثالثاً وليساعد كل منا اخيه او أخته، إن لم يكن ماديا فبالنصحية والقول الحسن والمعلومة المفيدة، وانت تقرأ هذه الشطحات تذكر قول الشاعر :
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا ****** وإذا افترقنا تكسرت آحادا




نشر بصحيفة رابطة الطلاب السودانيين بالجامعة الاسلامية العالمية بماليزيا . يونيو 2010م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق